كشفت مصادر تحدثت لشبكة CNN عن مساعي إدارة الرئيس ترامب للدخول في مفاوضات رسمية مع ليبيا لإبرام اتفاقية “البلد الثالث الآمن”، والتي ستتيح للولايات المتحدة ترحيل طالبي اللجوء المقبوض عليهم على الحدود الأمريكية إلى الأراضي الليبية. وقد صرّح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بوضوح قائلاً: “أقول هذا دون اعتذار، نحن نبحث بنشاط عن دول أخرى لاستقبال أشخاص من بلدان ثالثة”، مضيفاً: “نريد أن نرسل إليكم بعضاً من أكثر البشر حقارة إلى بلدانكم… وكلما كانوا أبعد عن أمريكا، كان ذلك أفضل، حتى لا يتمكنوا من العودة عبر الحدود”.
وتأتي هذه الخطط الأمريكية في توقيت حرج بالنسبة لليبيا التي تعاني أصلاً من انقسامات سياسية حادة وعدم استقرار أمني، الأمر الذي قد يعمّق الخلافات بين الأطراف الليبية المتنازعة. ورغم المزايا الاقتصادية المحتملة لليبيا من هذه الاتفاقية، فإنها ستواجه تحديات جسيمة في استيعاب هؤلاء المهاجرين، خاصة أن معظمهم من ذوي السجلات الجنائية، مما سيضيف أعباءً جديدة على البنية التحتية المتهالكة والوضع الأمني الهش في البلاد.
وبالتوازي مع المباحثات مع ليبيا، تجري أيضاً محادثات بين واشنطن وكيغالي لترحيل المهاجرين غير الشرعيين الذين أكملوا عقوباتهم في السجون الأمريكية إلى رواندا، في نموذج يشبه الاتفاقية البريطانية-الرواندية التي باءت بالفشل وألغاها رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر العام الماضي. وقد يدفع فشل النموذج البريطاني إدارة ترامب للتركيز أكثر على الخيار الليبي، مما يفاقم التحديات في المنطقة المغاربية.
المخاطر المحدقة بتونس
تشكل هذه الخطط الأمريكية تهديداً مباشراً لأمن تونس واستقرارها للأسباب التالية:
- تدفق متزايد للمهاجرين: مع ضعف قدرة ليبيا على استيعاب المهاجرين المرحّلين من أمريكا، ستصبح تونس المقصد الأول للعديد منهم الذين سيسعون لعبور الحدود الليبية-التونسية بحثاً عن فرص أفضل أو ربما كمحطة عبور نحو أوروبا.
- تهديد أمني خطير: ستواجه تونس خطراً أمنياً متفاقماً مع احتمال تسلل عناصر إجرامية عبر حدودها الشرقية، خاصة وأن الوزير روبيو أشار صراحة إلى أن المرشحين للترحيل هم “من أكثر البشر حقارة”، مما يشير إلى خلفياتهم الإجرامية.
- ضغوط اقتصادية واجتماعية: سيضاعف التدفق المحتمل للمهاجرين الضغوط الاقتصادية على تونس، مما قد يؤدي إلى توترات اجتماعية وسياسية داخلية.
تداعيات إقليمية ودولية
إن تنفيذ إدارة ترامب لهذه الخطط سيؤثر على المشهد الإقليمي بأكمله. فمن جانب، قد تسعى السلطات الليبية للاستفادة من هذه الاتفاقية للحصول على مزايا سياسية واقتصادية من الولايات المتحدة، بما في ذلك رفع اسم ليبيا من قائمة حظر السفر المحتملة. و من جانب آخر، ستتعقد العلاقات بين دول المنطقة، حيث ستجد تونس و مصر نفسيهما أمام تحديات أمنية متزايدة، مما قد يدفعهما لتشديد إجراءات الحدود مع ليبيا.
المصادر: تستند المعلومات الواردة في هذا المقال إلى تقرير نشرته شبكة CNN وتضمن تصريحات لمصادر مطلعة على المحادثات بين إدارة ترامب وحكومتي ليبيا ورواندا، إضافة إلى تصريحات رسمية لوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو.