You are currently viewing الجزائر تقلص مساحة السفارة الفرنسية

الجزائر تقلص مساحة السفارة الفرنسية

في خطوة تصعيدية جديدة تعكس عمق الأزمة الدبلوماسية المتصاعدة بين البلدين، قررت السلطات الجزائرية تقليص مساحة السفارة الفرنسية بنحو 85 بالمائة من مساحتها الحالية، وتقليص مساحة إقامة السفير الفرنسي في العاصمة الجزائرية من 4 هكتارات إلى هكتار واحد فقط. جاء هذا القرار رداً على ما وصفته الجزائر بـ”المضايقات” التي تتعرض لها إقامة السفير الجزائري في باريس.

وتأتي هذه الخطوة في سياق توتر متصاعد يشهده البلدان، حيث كشفت وكالة الأنباء الجزائرية تقريراً مفصلاً عن قائمة الإيجارات الزهيدة التي تدفعها فرنسا للنخب الجزائرية مقابل استئجار ما يصل إلى 60 عقاراً دبلوماسياً، مما أدى إلى تدهور العلاقات الثنائية بشكل كامل.

من جهة أخرى، أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بياناً رسمياً أكدت فيه رفضها القاطع لقائمة الأشخاص الذين ترغب فرنسا في ترحيلهم. وجاء في البيان: “تم رفض المحاولة الفرنسية لتقديم قائمة بأسماء المواطنين الخاضعين لأوامر الترحيل، شكلاً ومضموناً”. وأضافت الوزارة: “نعتبر أن فرنسا لا يمكنها أن تقرر، من جانب واحد وبشكل فردي، مراجعة القنوات النظامية المخصصة لمعالجة حالات الترحيل.”

وقد أشارت وكالة الأنباء الجزائرية إلى أن هذا الكشف يمثل مجرد إجراء مضاد يشكل جزءاً من الإجراءات الانتقامية التي أعلنت عنها وزارة الخارجية الجزائرية في بيانها الرسمي، والتي ردت عليها فرنسا دون تردد من خلال تعليق، من بين أمور أخرى، الاتفاقية الموقعة في عام 2007 بشأن إصدار التأشيرات الدبلوماسية.

ومن بين العقارات الستين المؤجرة لفرنسا، وفقاً للوكالة، السفارة الفرنسية في الجزائر “بإيجار منخفض للغاية لدرجة أنه لا يغطي حتى سعر غرفة خدمة في باريس”، وإقامة السفير الفرنسي المعروفة باسم “لي إيغرت دوليف”، والتي لم يتغير إيجارها بين عامي 1962 و2023، حسب التقرير الرسمي لوكالة الأنباء الجزائرية.

ويرى مراقبون، مثل وزير الثقافة السابق والسفير الجزائري السابق لدى إسبانيا، عبد العزيز رحابي، أن هذا الصراع قد يكون مرتبطاً بالمصالح السياسية الداخلية الفرنسية نظراً لقرب الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في عام 2027.

كما أعادت هذه الأحداث تنشيط قضية إنشاء مصنع مجموعة رينو في مدينة وهران، حيث استغلت الشركة الفرنسية، وفقاً لتقرير الوكالة، الحالة الصحية للرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة للحصول على الامتيازات التي سمحت للشركة الفرنسية بالاستقرار في الجزائر، من خلال فرض شروط غير عادلة.

إن هذا التصعيد الأخير المتمثل في تقليص مساحة السفارة الفرنسية وإقامة السفير يعكس عمق الأزمة وتصميم الجزائر على مواجهة ما تعتبره تجاوزات فرنسية للاتفاقيات الثنائية والدبلوماسية. ويبقى السؤال حول مستقبل العلاقات بين البلدين في ظل هذا التصعيد المتبادل، وما إذا كانت الدبلوماسية ستنجح في احتواء هذه الأزمة قبل أن تتفاقم أكثر.