You are currently viewing بدء تنفيذ برنامج أوروبي لتطوير السياحة المستدامة في تونس

بدء تنفيذ برنامج أوروبي لتطوير السياحة المستدامة في تونس

شكّل القطاع السياحي على مدى عقود العمود الفقري للاقتصاد التونسي، في خطأ استراتيجي فادح أدى إلى إهمال القطاعات الإنتاجية الحيوية. وقد تجلت مخاطر هذا الخيار في عدة مظاهر أبرزها تراجع الاستثمار في القطاع الصناعي لصالح المشاريع السياحية السريعة الربح، وإهمال تطوير البنية التحتية في المناطق الداخلية لصالح المناطق السياحية الساحلية، مع تركيز الدعم الحكومي على قطاع هش يتأثر بأدنى الأزمات السياسية والأمنية.

وأدى هذا التوجه إلى تراجع الإنتاج الزراعي والصناعي مقابل التوسع في الخدمات السياحية، مع ضعف ملحوظ في الاستثمار في التعليم والبحث العلمي والتكنولوجيا. وتفاقمت الأزمة الهيكلية للاقتصاد التونسي مع ارتفاع المديونية الخارجية وضعف التنويع الاقتصادي وهيمنة قطاع الخدمات.

وفي هذا السياق المتأزم، يأتي الإعلان عن اختتام مشروع “دعم السياحة المستدامة” الممول أوروبياً وألمانياً، ليطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل السيادة الاقتصادية التونسية. فرغم أن المشروع يهدف ظاهرياً إلى تنويع المنتج السياحي وإنشاء مسارات سياحية جديدة وتطوير السياحة في المناطق الريفية، إلا أن المخاطر الكامنة تتمثل في تعميق التبعية الاقتصادية للاتحاد الأوروبي وفرض شروط وسياسات اقتصادية خارجية، مما يؤدي إلى إضعاف القدرة على اتخاذ قرارات اقتصادية مستقلة وتكريس نموذج تنموي لا يتلاءم مع الأولويات الوطنية.

ويتطلب الخروج من هذا المأزق إعادة هيكلة الاقتصاد نحو القطاعات الإنتاجية وتطوير الصناعات التحويلية والتكنولوجية، مع الاستثمار في التعليم والبحث العلمي وتنويع الشراكات الاقتصادية الدولية وتعزيز الاستقلال في القرار الاقتصادي.

إن مشروع “دعم السياحة المستدامة” ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من التدخلات الأجنبية في الاقتصاد التونسي. والسؤال الملح اليوم: هل آن الأوان لتونس أن تختار طريقاً تنموياً مستقلاً يحقق مصالحها الوطنية بعيداً عن الهيمنة الأجنبية الناعمة؟