أظهر التقرير الشهري الصادر عن مكتب الصرف المغربي تفاصيل مهمة حول الوضع التجاري والاقتصادي للمملكة خلال الفترة من جانفي إلى نوفمبر 2024، حيث سجل العجز التجاري ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 6.5%، ليصل إلى مستوى قياسي قدره 275 مليار درهم، أي ما يعادل 27.2 مليار دولار أمريكي.
وفي تحليل معمق للأرقام، كشف التقرير عن زيادة ملموسة في حجم التبادل التجاري الخارجي للمغرب، حيث ارتفعت الواردات بنسبة 5.7% لتصل إلى 689 مليار درهم، في حين نمت الصادرات بوتيرة أبطأ قليلاً بلغت 5.2% مسجلة 413 مليار درهم، مما أدى إلى توسيع الفجوة في الميزان التجاري.
وعلى صعيد القطاعات المختلفة، شهد قطاع الطاقة تطوراً إيجابياً من حيث خفض تكاليف الاستيراد، حيث انخفضت فاتورة واردات الطاقة بنسبة 5.9% لتصل إلى 104 مليارات درهم. كما سجلت واردات القمح تراجعاً ملحوظاً بنسبة 8.7%، حيث بلغت 16.3 مليار درهم، مما يعكس تحسناً في إدارة الواردات الاستراتيجية.
وبرز قطاع صناعة السيارات كقاطرة للصادرات المغربية، محققاً نمواً قوياً بنسبة 6.7% ليصل إلى 145 مليار درهم، مؤكداً مكانة المغرب كمركز إقليمي مهم لصناعة السيارات. وفي السياق ذاته، حقق قطاع الفوسفات ومشتقاته، الذي يعتبر ركيزة أساسية للصادرات المغربية، نمواً مهماً بنسبة 9.1% ليصل إلى 75.2 مليار درهم، مستفيداً من المكانة العالمية للمغرب كأكبر مصدر للفوسفات في العالم.
وفي مجال التدفقات المالية، سجلت تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج زيادة بنسبة 2.8% لتصل إلى 108 مليارات درهم، مما يؤكد استمرار الدور الحيوي الذي تلعبه هذه التحويلات في دعم الاقتصاد الوطني. وشهد قطاع السياحة انتعاشاً ملحوظاً، حيث ارتفعت عائداته بنسبة 7.2% لتبلغ 104 مليارات درهم، مما يعكس تعافي القطاع وعودته إلى مستويات ما قبل الجائحة.
وفي مؤشر إيجابي على ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المغربي، شهدت الاستثمارات الأجنبية المباشرة قفزة كبيرة بنسبة 30% لتصل إلى 39.6 مليار درهم، مما يعزز قدرة المملكة على جذب رؤوس الأموال الأجنبية رغم التحديات الاقتصادية العالمية.
وعلى الرغم من اتساع العجز التجاري، يشير تنوع القطاعات النشطة وارتفاع التدفقات المالية الخارجية إلى مرونة الاقتصاد المغربي وقدرته على التكيف مع المتغيرات العالمية. ويبقى التحدي الرئيسي أمام صانعي السياسات الاقتصادية هو العمل على تقليص الفجوة بين الصادرات والواردات من خلال تعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المغربية وتنويع الأسواق التصديرية.