تشهد العلاقات الفرنسية الجزائرية توتراً متزايداً مع تسريبات حول نية باريس تجميد أصول عشرين مسؤولاً جزائرياً من النظام الحاكم، في خطوة تهدف إلى الضغط على الجزائر وسط الخلافات المتصاعدة بين البلدين.
وتعكف وزارتا الاقتصاد والداخلية الفرنسيتان حالياً على دراسة فرض عقوبات مالية على مجموعة من المسؤولين الجزائريين الذين يملكون ممتلكات في فرنسا. وتأتي هذه الخطوة في سياق الأزمة التي اندلعت في جانفي الماضي، عندما أثار وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، في حديث مع مجلة “ليكسبريس”، إمكانية تجميد أصول المسؤولين الجزائريين رداً على رفض الجزائر استقبال عدد من مواطنيها المطلوب ترحيلهم من فرنسا.
وقد شهدت القضية تطوراً جديداً خلال لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون على هامش قمة مجموعة السبع في 13 جويلية 2024 في إيطاليا، حيث لم تفلح المحادثات في تهدئة التوتر المتزايد.
وتشير المصادر إلى أن هذا الإجراء المحتمل سيُستخدم كورقة ضغط في حال تصاعد الأزمة بين البلدين، مما يعكس تدهور مستوى الثقة والتفاهم في العلاقات الثنائية التي طالما تميزت بالتعقيد والحساسية نظراً للتاريخ الاستعماري.
ولم تتأخر الجزائر في الرد بحدة على هذه التسريبات، حيث هاجمت السلطات الجزائرية السلطات الفرنسية بشدة إثر الكشف عن هذا القرار المرتقب. ونشرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، يوم الخميس، تقريراً قاسياً قالت فيه: “لم تنحدر فرنسا في تسييرها علاقتها مع الجزائر يوماً إلى هذا الدرك السحيق، ولم يسبق لها أن لامست هذا الحد من الهواية والارتجال، ولم تبلغ قط من قبل هذه القمة في انعدام الجدية”.
وأضاف التقرير الرسمي الجزائري أن هذه التهديدات “لا يمكن أن تثير من جانب الجزائر سوى الازدراء واللامبالاة”، في رسالة واضحة تعكس رفض الجزائر الانصياع للضغوط الفرنسية والاستهانة بهذه التهديدات المالية.
وتأتي هذه الأزمة في ظل تراكم ملفات خلافية عديدة بين البلدين، من قضايا الهجرة والترحيل إلى الملفات التاريخية والاقتصادية، مما يضع العلاقات الفرنسية الجزائرية أمام اختبار جديد.
ويبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت فرنسا ستنفذ فعلياً هذه التهديدات بتجميد الأصول، أم أنها مجرد أداة ضغط دبلوماسي، وكيف ستتطور ردود الفعل الجزائرية في حال المضي قدماً في هذا الإجراء الذي قد يفتح فصلاً جديداً من التصعيد في العلاقات المتوترة أصلاً بين البلدين.