You are currently viewing أنبوب الغاز المغربي-النيجيري: تحدٍ إقليمي وسط منافسة جزائرية

أنبوب الغاز المغربي-النيجيري: تحدٍ إقليمي وسط منافسة جزائرية

كشفت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية، ليلى بنعلي، عن إنجاز مهم في مسار مشروع أنبوب الغاز الأفريقي الأطلسي الذي سيربط بين المغرب ونيجيريا، حيث تم الانتهاء من دراسات الجدوى والدراسات الهندسية والتصميمية الأولية لهذا المشروع الاستراتيجي. وأوضحت الوزيرة، خلال جلسة برلمانية يوم الاثنين 21 أفريل 2025، أن العمل جارٍ حالياً على الدراسات الميدانية ودراسة الأثر البيئي والاجتماعي، بالتزامن مع إطلاق مشاريع إبداء الاهتمام لمد الشبكة الغازية المغربية إلى مدينة الداخلة في أفق ربطها بالأنبوب المذكور.

ويتخذ هذا المشروع أهمية استراتيجية بالغة للمغرب وشركائه الأفارقة، خاصة في ظل المنافسة الجيوسياسية المحتدمة مع الجزائر التي تمتلك مشروعاً مماثلاً وهو أنبوب الغاز العابر للصحراء “ترانس صحاراوي” الذي يربط نيجيريا بأوروبا عبر النيجر والجزائر. وتعمل المملكة المغربية بشكل حثيث على إنجاز هذا المشروع الذي يمتد على مسافة تتجاوز 6000 كيلومتر، ويمر عبر 13 دولة أفريقية وصولاً إلى السواحل الأوروبية.

وأشارت الوزيرة إلى أن العمل يجري حالياً على المرحلة التي تشمل دول السنغال والمغرب وموريتانيا من أنبوب الغاز، موضحة أن المشروع يتألف من ثلاث مراحل رئيسية. كما ذكرت أنه “تم خلال أواخر السنة الماضية عقد مجموعة من الاجتماعات حول هذا المشروع، بما فيها الاجتماع الوزاري للدول الأعضاء لسيداو” (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا).

ويمثل هذا المشروع مناورة استراتيجية مهمة للمغرب في مواجهة الجزائر، حيث يسعى من خلاله إلى تعزيز موقعه كممر طاقي بديل يربط بين أفريقيا وأوروبا، خاصة بعد توقف ضخ الغاز الجزائري إلى إسبانيا عبر أنبوب “المغرب العربي-أوروبا” الذي كان يمر عبر الأراضي المغربية قبل قرار الجزائر بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب وعدم تجديد اتفاقية مرور الأنبوب في عام 2021.

وبحسب الوزيرة، فإن من شأن مشروع الأنبوب “تحفيز التنمية الاقتصادية وتسريع برامج الولوج إلى الطاقة الكهربائية وخلق فرص الشغل، ويعتبر ركيزة في تحويل المغرب إلى الممر الطاقي الوحيد الذي يربط أوروبا، أفريقيا والحوض الأطلسي”. وهو ما يشكل رسالة واضحة في إطار المنافسة الإقليمية مع الجزائر التي طالما اعتبرت نفسها البوابة الرئيسية للطاقة بين القارتين.

وتجدر الإشارة إلى أن المشروع المغربي-النيجيري يواجه تحديات بينما يُعتبر المشروع الجزائري “ترانس صحاراوي” أكثر تقدماً من الناحية التنفيذية، حيث تم توقيع اتفاقيات ثلاثية بين الجزائر والنيجر ونيجيريا، وتم البدء في بعض الأعمال التحضيرية له. إلا أن السياق الجيوسياسي المتغير في المنطقة، خاصة بعد تعزيز المغرب لعلاقاته مع دول غرب أفريقيا وتحسن موقفه في قضية الصحراء الغربية، قد يعطي دفعة قوية للمشروع المغربي.

وبالإضافة إلى مشروع أنبوب الغاز، كشفت الوزيرة عن تقدم ملحوظ في برامج إنتاج الطاقة بالمغرب، حيث وصلت القدرة الكهربائية إلى ما يفوق 12 جيغاوات، 5.5 جيغاوات منها أُنتجت من مصادر متجددة. وأكدت أن “الحكومة رفعت الحصة الخاصة بالطاقات المتجددة من 37 في المائة في سنة 2021 إلى 45 في المائة في أفريل 2025”.

لكن هذه التطورات الإيجابية لم تمنع انتقادات حادة من بعض النواب البرلمانيين، حيث أثار عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، مصطفى الإبراهيمي، قضية استمرار ارتفاع أسعار المحروقات بالمغرب رغم انخفاض أسعار البترول عالمياً. كما تطرق إلى مشاكل تقنية في محطة نور 3 للطاقة الشمسية بورزازات، مشيراً إلى وجود عطب كلف 520 مليون درهم.

من جهة أخرى، نبه النائب عن الفريق الاشتراكي، حميد الدراق، إلى استمرار إشكالية انقطاع التيار الكهربائي، خاصة في المناطق القروية، محذراً من المخاطر الناجمة عن الوضعية غير السليمة لبعض أعمدة نقل الطاقة. وردت الوزيرة بأن “هذه الانقطاعات تكون في معظمها غير مبرمجة ومفاجئة، وذلك نتيجة لاستغلال غير قانوني للطاقة الكهربائية”، مشيرة إلى تخصيص 27 مليار درهم لتقوية شبكة نقل الكهرباء بين 2025 و2030.