You are currently viewing السفارة الفرنسية : مخطط تشتيت الكفاءات التونسية تحت غطاء “شراكة المواهب”

السفارة الفرنسية : مخطط تشتيت الكفاءات التونسية تحت غطاء “شراكة المواهب”

عقدت السفارة الفرنسية في تونس في العاشر من أفريل 2025 ندوة دولية حول التنقل المهني وتطوير الكفاءات في قطاع النقل واللوجستيك، وذلك بالتعاون مع مشروع THAMM OFII الممول من الاتحاد الأوروبي وبمشاركة وزارة النقل ووزارة التشغيل والتكوين المهني والوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل والوكالة التونسية للتكوين المهني.

تندرج هذه الفعالية ضمن ما يُسمى بـ”شراكة المواهب” بين تونس والاتحاد الأوروبي التي أُطلقت عام 2023، حيث جمعت عدداً من الفاعلين المؤسساتيين والاقتصاديين حول هدف أعلنته: تعزيز التنقل المهني “الدائري والمنظم والمفيد للطرفين”. وقد حضر افتتاح الندوة كل من السيد رياض شعود وزير التشغيل والتكوين المهني، والسيد رشيد العامري وزير النقل، والسيد جوزيبي بيروني سفير الاتحاد الأوروبي في تونس، والسيدة آن غيغان سفيرة فرنسا في تونس.

وبينما تناول المشاركون مواضيع تبدو إيجابية ظاهرياً مثل التوافق بين عرض التكوين واحتياجات سوق العمل، والاعتراف بالمؤهلات المهنية، وتسهيل إجراءات التنقل، وفرص الربط بين الشركات والكفاءات التونسية المؤهلة، فإن الحقيقة الكامنة وراء هذه الشعارات البراقة تكشف عن واقع مغاير تماماً.

فالدور الحقيقي الذي تضطلع به السفارة الفرنسية في تونس، بالدعم من بعض المؤسسات التونسية، لا يعدو كونه محاولة منظمة لتشتيت الكفاءات التونسية وإخراجها من البلاد، وذلك من خلال تسويق فكرة “الشتات التونسي” أو ما يعرف بالفرنسية بـ”Diaspora Tunisienne”. هذه المنظومة تعكس رؤية مؤسفة ترى في المواطن التونسي عبئاً يتعين التخلص منه عبر تصديره للعمل في أوروبا، بدلاً من استثمار قدراته وطاقاته في تنمية وطنه الأم.

إن تداعيات هذه السياسة المتعمدة خطيرة ومتعددة الأبعاد، فهي تؤدي إلى استنزاف العقول والكفاءات التي تحتاجها تونس بشدة لتحقيق تنميتها المستدامة، كما تمثل إهداراً للموارد المالية التي أنفقتها الدولة التونسية على تكوين هذه الكفاءات التي ستجني ثمارها في نهاية المطاف الدول الأوروبية دون مقابل حقيقي يعود على تونس.

علاوة على ذلك، فإن هذه المبادرات تساهم في تفكيك النسيج الاجتماعي التونسي وتشتيت العائلات، حيث يضطر الشباب للهجرة سعياً وراء فرص يتم الترويج لها بصورة مغرية، كما تكرس حالة التبعية الاقتصادية لتونس من خلال تحويلها إلى مصدر للعمالة المدربة والرخيصة نسبياً للاقتصادات الأوروبية.

وبدلاً من التصدي للمشكلات الهيكلية في الاقتصاد التونسي والعمل على خلق فرص عمل حقيقية ومستدامة داخل البلاد، يتم تقديم الهجرة كحل سهل وسريع للتحديات الاقتصادية والاجتماعية، مما يعمق الأزمة بدلاً من معالجتها جذرياً.

إن ما يوصف بـ”شراكة المواهب” ليس في حقيقته سوى غطاء منمق لعملية استنزاف منظم للكفاءات الوطنية التونسية، وبينما يتعين توجيه الجهود نحو تعزيز فرص التنمية المحلية والاستثمار في البنية التحتية وتحسين ظروف العمل داخل تونس، نجد أن الدبلوماسية الفرنسية والمؤسسات التونسية تركز على تسهيل هجرة الكفاءات وتشجيعها تحت مسميات مضللة.