في خضم تطورات متسارعة تشهدها منطقة شمال أفريقيا، برزت سلسلة من الأحداث الدبلوماسية والعسكرية التي تعكس تصاعداً في حدة التوتر الإقليمي. ففي الوقت الذي تعزز فيه المغرب قدراته العسكرية عبر صفقات تسلح أمريكية، تشهد المنطقة تحركات دبلوماسية فرنسية لافتة في الصحراء، وتقارباً عسكرياً جزائرياً-موريتانياً، مما يثير تساؤلات حول احتمالات اندلاع مواجهة عسكرية في المنطقة.
وفي تطور لافت على الصعيد العسكري، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على بيع محتمل لصواريخ “ستينغر” إلى المغرب بقيمة 825 مليون دولار، حسبما ذكرت وكالة التعاون الأمني الدفاعي التابعة للبنتاغون. وتشمل الصفقة ما يصل إلى 600 صاروخ من طراز “FIM-92K Stinger Block I”، بالإضافة إلى خدمات الدعم الهندسي واللوجستي والفني. ويأتي هذا التسلح في سياق تصاعد التوتر بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، مما يثير المخاوف من احتمال استعداد المغرب لمواجهة عسكرية محتملة.
وبالتزامن مع هذه التطورات العسكرية، كشف مصدر دبلوماسي فرنسي أن باريس تعتزم فتح مكتب للاتصال في مدينة العيون، كبرى حواضر الصحراء المغربية. وبحسب المصدر، تهدف هذه الخطوة إلى “تعزيز الحضور القنصلي والخدماتي لفرنسا في الجنوب المغربي”، وتسهيل الإجراءات الإدارية للمواطنين الراغبين في السفر. ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها تأييد فرنسي ضمني للسيادة المغربية على إقليم الصحراء، مما يزيد من حدة التوتر مع الجزائر الداعمة للبوليساريو.
وفي المقابل، وقّع الفريق أول السعيد شنقريحة، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني الجزائري، ونظيره الموريتاني حننه ولد سيدي ولد حننه، اتفاقاً للتعاون في مجال الدفاع، يوم الأربعاء 16 أفريل 2025. وتطرق الطرفان خلال اللقاء إلى التطورات الأمنية في منطقة شمال أفريقيا والقارة الإفريقية، وتبادلا وجهات النظر حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، في إشارة واضحة إلى التنسيق الأمني في ظل التوترات المتصاعدة مع المغرب.
وأكد الفريق أول شنقريحة أن “الجزائر وموريتانيا، بحكم الروابط الجغرافية والتاريخية والثقافية التي تجمعهما، يتقاسمان نفس الطموحات والتحديات”، مشدداً على الأهمية الإستراتيجية للعلاقات الجزائرية-الموريتانية. كما أشار إلى ضرورة تعزيز العمل المشترك بين البلدين “وفق رؤية متكاملة ترتكز على الحوار والتنسيق وتبادل الخبرات”، ما يعزز التكهنات بأن هذا التقارب قد يكون رداً على التحركات المغربية والفرنسية في المنطقة.
وتتزامن هذه التطورات مع تصاعد التوتر بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء، حيث تدعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تطالب بإقامة دولة مستقلة في الصحراء، بينما يعتبر المغرب المنطقة جزءاً لا يتجزأ من أراضيه. ومع تعزيز المغرب لقدراته العسكرية عبر صفقات التسلح الأمريكية، وفي ظل التحركات الدبلوماسية الفرنسية المؤيدة للموقف المغربي، يبدو أن المنطقة تتجه نحو مزيد من التصعيد.
وتشير التقارير إلى أن هذه التطورات قد تكون مؤشراً على استعداد المغرب لخيارات عسكرية، خاصة مع تزايد الاعتراف الدولي بسيادته على الصحراء. وفي الوقت نفسه، يبدو أن الجزائر تسعى لتشكيل جبهة مضادة عبر تعزيز تعاونها العسكري مع موريتانيا، وهو ما قد ينذر بتصعيد خطير في المنطقة إذا فشلت المساعي الدبلوماسية في احتواء التوتر.