إلى السادة المسؤولين في وزارة الصحة، إلى كل المعنيين بالسياسات الصحية وحقوق المرضى والمواطنين،
تحية طيبة وبعد،
نتقدم إليكم بهذه المذكرة الموجزة التي تهدف إلى اقتراح مقاربة صحية متوازنة، قائمة على مبادئ العلم، والحرية الفردية، والعدالة الاجتماعية، في ما يخص التعامل مع لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) وبرامج الوقاية من سرطان عنق الرحم.
1. من منطق الإكراه إلى منطق التمكين
إن فرض التلقيح على فئة عمرية معيّنة، دون نقاش عمومي صريح، قد يفتح الباب إلى الشكوك ويضعف الثقة في المؤسسة الصحية. وعليه نقترح:
- توفير اللقاح بشكل اختياري غير إجباري، مع إعلام دقيق و واضح.
- تقديم معلومة متوازنة: لا مبالغة في التهويل من المرض، ولا تقليل من الآثار الجانبية المحتملة للقاح، خاصّة العصبية منها.
2. استهداف سليم للفئات المعنية فعلاً
المعطيات الوبائية تشير إلى أن فيروس HPV ينتقل أساسًا عبر العلاقات الجنسية. لذا، من المنطقي أن يُوجَّه اللقاح إلى:
- الفئات التي ستبدأ علاقات جنسية مبكرة.
- الأشخاص الأكثر عرضة للعلاقات الجنسية المتعددة.
- الشركاء المحتملون لأشخاص يحملون إصابات مشبوهة سريريًا على مستوى الأعضاء التناسلية.
3. تعزيز الفحص المبكر: الحصن المنيع منذ نصف قرن
رغم كل ما يُقال عن نجاعة اللقاح، فإن أرقام الدول الغربية نفسها تؤكد أن أكبر إنجاز في تقليص نسب سرطان عنق الرحم كان بفضل:
- الفحص الدوري عبر الـFrottis (المسحة المهبلية).
- سهولة اكتشاف الآفات ما قبل السرطانية ومعالجتها بنسبة تقارب الـ100%.
نقترح بالتالي:
- توفير الفحص مجانًا أو بثمن رمزي.
- إقرار قانون يُلزم النساء بإجراء الفحص كل 3 سنوات بعد أول علاقة جنسية.
- تخصيص حملات إعلامية وطنية توعوية حول أهمية المسحة وأعراض HPV وعوامل الخطر.
4. الشفافية أساس الثقة
ندعو إلى:
- مراجعة طريقة الخطاب الرسمي المتعلق بالصحة.
- الاعتراف بالأضرار الجانبية دون تهويل ولا إنكار.
- فضح أي تضارب مصالح محتمل بين الجهات الصحية والمخابر الصيدلانية.
الخلاصة
نطمح إلى سياسة صحية مبنية على:
- العلم لا التهويل
- الحرية لا الإكراه
- الوقاية لا فقط العلاج
- الشفافية لا التعتيم
ونحن مستعدون للمساهمة في أي نقاش جاد أو عمل جماعي يخدم صحة الإنسان وكرامته.
د. هدى تاجوري طبيبة مختصة غدد وسكري