في مشهد جديد يكشف هشاشة المسار الاقتصادي التونسي، تتجلى مأساة التنازل عن الثروات الوطنية. فخلال مراسم رسمية مثيرة للجدل، وقعت الحكومة التونسية اتفاقيات مع شركتين فرنسيتين (QAIR و VOLTALIA)، مانحةً إياهما مشاريع طاقة شمسية بقدرة 430 ميجاوات، في خطوة تلخص عمق الاستلاب المؤسسي وتكرس سياسة التبعية.
والمفارقة المؤلمة أن تونس تمتلك كل مقومات النجاح في هذا المجال: صحراء تزخر بأكثر من 3000 ساعة إشعاع شمسي سنوياً، ومناطق جنوبية تعانق الشمس بامتياز، وكفاءات هندسية شابة تنوء تحت وطأة الانتظار والإحباط. فالبلاد لا تعاني من نقص الموارد، بل تعاني من غياب الإرادة السياسية والرؤية الاستراتيجية.
هذا المشهد يتجاوز كونه مجرد صفقة طاقة؛ إنه استمرار صريح للنموذج الاستعماري المتأصل، حيث تُمنح الامتيازات للشركات الأجنبية، وكأن تونس دولة عاجزة عن التصنيع والتطوير. فبدلاً من بناء القدرات المحلية وتمكين الكفاءات الوطنية، يتم تصدير الفرص للخارج، وترك الشباب التونسي يشاهد بحسرة.
والخلاصة المريرة تكمن في اختيار النخب الحاكمة المتكرر للطريق الأسهل: التبعية والاعتماد على الآخر، مقابل العمل الجاد والسيادة الوطنية، في رقصة استسلام مأساوية تبعث على الأسى والحزن.