في إطار متابعة تنفيذ برامج التعاون مع المنظمة الدولية للهجرة في مجال العودة الطوعية والآمنة للمهاجرين غير الشرعيين، استقبل السيد محمد علي النفطي، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، يوم الأربعاء 12 مارس 2025، السيد عزوز السامري، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة بتونس. وقد استعرض الوزير خلال هذا اللقاء حصيلة برنامج العودة الطوعية خلال سنة 2024 والثلاثي الأول من سنة 2025، مشدداً على أهمية تظافر الجهود ومواصلة التنسيق بين جميع الأطراف المتدخلة.
كما دعا الوزير إلى تكثيف الحملات التوعوية في صفوف المهاجرين غير الشرعيين للتعريف ببرنامج العودة الطوعية وبما يوفره من إمكانيات لإعادة إدماجهم في بلدانهم الأصلية. إلا أن هذه المقاربة التي تبناها وزير الخارجية تثير تساؤلات جوهرية: هل يتعامل الوزير مع تونس كبلد يعاني من مشاكل هيكلية داخلية أدت إلى تفاقم أزمة الهجرة، أم أنه يتعامل مع المشكلة وكأنها مسؤولية دول أخرى؟
والواقع أن تونس تعاني من إشكالية كبيرة في مقاربتها لملف الهجرة، حيث تتجلى سياستها بشكل أساسي في الاتكال المفرط على الجهات الخارجية – سواء الدول الأوروبية أو المنظمات الدولية – للتعامل مع أزمة معقدة تستدعي حلولاً محلية وإرادة سياسية حقيقية. فبدلاً من وضع خطة وطنية شاملة تعالج الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية، نجد أن الخطاب الرسمي يدور حول التنسيق والتعاون مع المنظمات الدولية دون تحمل المسؤولية الكاملة عن معالجة المشكلة بالاعتماد على الموارد والإمكانيات الوطنية.
وتعكس تصريحات الوزير خلال لقائه مع رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة هذه الإشكالية بوضوح، حيث يتم التركيز على برامج العودة الطوعية والحملات التوعوية دون التطرق إلى للإستراتيجيات المباشرة التي يمكن أن تعالج الأسباب الحقيقية للهجرة المتمثلة في المراقبة الصارمة للحدود و توضيح العلاقات مع دول المصدر من أجل إعادة هؤلاء المهاجرين. هذا النهج يحول تونس تدريجياً إلى مجرد وسيط لتنفيذ سياسات وبرامج خارجية بدلاً من أن تكون صاحبة مبادرة في معالجة مشكلة تمس بأمنها واستقرارها.
إن اعتماد تونس على الحلول الخارجية يضعف من سيادتها على قراراتها ويجعلها عرضة للابتزاز السياسي، فالمسؤولية الأولى والأخيرة تقع على عاتق الدولة التونسية التي يجب أن تستثمر في قدراتها الذاتية وتعبئ مواردها الوطنية لمواجهة هذا التحدي بدلاً من انتظار الحلول من الخارج.