You are currently viewing ماكرون يقترح استخدام مدخرات الفرنسيين لتمويل الجيش بقيمة 50 مليار يورو

ماكرون يقترح استخدام مدخرات الفرنسيين لتمويل الجيش بقيمة 50 مليار يورو

طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فكرة مثيرة للدهشة تتمثل في استخدام مدخرات المواطنين الفرنسيين لتمويل النفقات العسكرية المتزايدة، عبر “منتجات ادخارية” خاصة. يأتي هذا الاقتراح في وقت تتدهور فيه الأوضاع الدولية، وتقلص الولايات المتحدة وجودها في الخارج، مما قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في ميزانية الأسر والدولة على حد سواء.

آلية التمويل: استثمار المدخرات الشعبية في الأمن القومي

يفكر الرئيس الفرنسي في الاستفادة من حسابات التوفير الشعبية، مثل “دفتر التوفير أ” و”دفتر التنمية المستدامة والتضامن”، لتغذية ميزانية عسكرية من المتوقع أن تصل إلى 50 مليار يورو في عام 2025، بزيادة ثلاثة مليارات عن عام 2024. ووفقًا للاقتراح، سيتم رد المبالغ المقتطعة للمدخرين في وقت لاحق، مما يعني أن هذه الأموال ستكون بمثابة قرض من المواطنين للدولة لتعزيز قدراتها الدفاعية.

دوافع استراتيجية وتحديات أمنية متنامية

تأتي الزيادة في الإنفاق العسكري استجابة لعدة عوامل ملحة، إذ تحتاج فرنسا إلى تحديث معداتها وتعزيز تكنولوجياتها لضمان الأمن الوطني، بما في ذلك تحديثات جوهرية للأنظمة والمعدات العسكرية. وفي هذا السياق الاستراتيجي، تخطط الحكومة لزيادة ميزانية الدفاع لتصل إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 2.1% حاليًا، وهي زيادة غير مسبوقة تعكس حجم التحديات الأمنية.

في هذا الإطار، دعا ماكرون الفرنسيين للتفكير في دورهم الوطني تجاه الأمة والجمهورية، ولم يستبعد حتى “مناشدة الأمة” لتمويل بعض البرامج المتعلقة بالدفاع، مما يعكس حجم التحدي والحاجة إلى تضافر الجهود الوطنية.

عوائق قانونية وتحديات تشريعية

تواجه هذه الفكرة عقبات قانونية كبيرة، ففي عام 2023، رفض المجلس الدستوري مرتين فكرة استخدام المدخرات المنظمة لتمويل صناعة الدفاع، معتبرًا ذلك غير متوافق مع أحكام قانون الميزانية. كما سلط وزير الدفاع الضوء على الصعوبات التي تواجهها شركات القطاع بسبب القواعد الأوروبية الصارمة التي تحد من مرونة الاستثمار في المجالات العسكرية.

علاوة على ذلك، يجب على الدولة ضمان استقرار الطلبات العامة، وفقًا لقانون البرمجة العسكرية 2024-2030، بميزانية إجمالية قدرها 413 مليار يورو خلال هذه الفترة. ولتحقيق هذا الهدف الطموح، من الضروري تشجيع الاستثمارات الخاصة في هذا القطاع الاستراتيجي، مع النظر في إنشاء دفتر توفير مخصص للدفاع لزيادة مشاركة المواطنين في تمويل الأمن القومي.

اقتصاد الحرب: تعبئة وطنية شاملة

في مواجهة هذه التعقيدات، تتجه فرنسا نحو منطق اقتصاد الحرب الذي يتطلب تعبئة موارد الأمة كافة. يعتمد صمود الدولة وأمنها على مشاركة جميع مكونات المجتمع – في إطار عمل جماعي حقيقي بين القطاعين العام والخاص لتنشيط وتطوير صناعة الدفاع الفرنسية بما يتناسب مع التحديات المعاصرة.

وبينما يستمر النقاش حول كيفية تمويل هذه النفقات العسكرية المتزايدة في إثارة جدل واسع في الساحة السياسية والرأي العام، يتضح أن القضية متشعبة وتمس جوانب حيوية من الأمن القومي والاستقرار الاقتصادي لفرنسا.

وهكذا، يُدعى المواطنون الفرنسيون للتفكير بعمق في تداعيات هذا الاقتراح على مدخراتهم الشخصية وعلى نمط مساهمتهم في الدفاع عن أمن وطنهم، في إطار موازنة دقيقة بين الاحتياجات الأمنية المتزايدة والاستقرار المالي للأسر الفرنسية.