You are currently viewing المغرب يلغي شعيرة ذبح الأضاحي لعام 2025 !

المغرب يلغي شعيرة ذبح الأضاحي لعام 2025 !

أعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس مساء الأربعاء 26 فيفري 2025 قراراً تاريخياً بدعوة المواطنين إلى عدم إقامة شعيرة ذبح الأضاحي خلال عيد الأضحى لهذا العام. تم إعلان هذا القرار من خلال رسالة ملكية تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، مستنداً إلى الظروف المناخية والاقتصادية الاستثنائية التي تمر بها المملكة.

الدوافع الاقتصادية والبيئية للقرار : 

تواجه المملكة المغربية أزمة جفاف حادة تعتبر الأسوأ منذ الثمانينيات، حيث استمرت لسبع سنوات متتالية. وفقاً لبيانات وزارة الزراعة، بلغ العجز في معدلات هطول الأمطار 53% مقارنة بمتوسط الثلاثين عاماً الماضية، ما تسبب في انخفاض نسبة ملء السدود إلى 23% فقط.

أدت هذه الظروف إلى تراجع حاد في أعداد الماشية بنسبة 38% مقارنة بعام 2016، وهو ما دفع السلطات المغربية إلى اتخاذ هذا الإجراء الاستثنائي للحفاظ على ما تبقى من الثروة الحيوانية في البلاد. كما ساهمت عوامل أخرى في تفاقم الأزمة، منها:

  • تداعيات جائحة كوفيد-19 التي عرقلت سلاسل التوريد العالمية
  • ارتفاع تكاليف الأعلاف المستوردة
  • الاضطرابات الاقتصادية العالمية التي زادت من صعوبة استيراد المواشي
 

شراكة المغرب مع ماكينزي وتداعياتها على الموارد الطبيعية : 

عقد المغرب شراكة استراتيجية مع شركة الاستشارات العالمية “ماكينزي” (McKinsey) التي قدمت توصيات للمملكة بالتوسع في زراعة الفواكه والخضروات الموجهة للتصدير، وذلك ضمن استراتيجية لتنمية القطاع الزراعي وجلب العملة الصعبة.

في إطار ما عُرف بـ”مخطط المغرب الأخضر” الذي انطلق عام 2008، اعتمد المغرب على خبرة “ماكينزي” للتوجه نحو الزراعات التصديرية عالية القيمة مثل الطماطم والفراولة والأفوكادو والحمضيات، مما أدى إلى زيادة كبيرة في صادرات المغرب الزراعية.

لكن هذه الاستراتيجية التصديرية أدت مع مرور الوقت إلى تحديات بيئية كبيرة، حيث أثرت سلباً على:

1. الموارد المائية: أدى التوسع في زراعة المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه مثل الأفوكادو والفراولة إلى استنزاف الفرشات المائية الجوفية، خاصة في مناطق سوس وشتوكة آيت باها التي تعاني أصلاً من الإجهاد المائي.

2. خصوبة التربة: تسببت الزراعة المكثفة والاستخدام المفرط للأسمدة الكيماوية والمبيدات في إرهاق التربة المغربية وفقدانها لخصوبتها الطبيعية في بعض المناطق.

3. السيادة الغذائية: في حين ركز المغرب على المحاصيل التصديرية، تراجعت المساحات المخصصة للزراعات الأساسية الموجهة للاستهلاك المحلي، مما أثر على الأمن الغذائي.

وتشير تقارير منظمات بيئية إلى أن بعض المناطق المغربية مثل سهل سوس قد تعاني من نقص حاد في المياه خلال السنوات المقبلة إذا استمرت وتيرة استنزاف المياه الجوفية للزراعات التصديرية، مما يستدعي إعادة النظر في نماذج الإنتاج الزراعي.

السياق التاريخي والديني للقرار : 

لا يعد هذا القرار سابقة في تاريخ المغرب، فقد سبق للملك الراحل الحسن الثاني إصدار قرارات مماثلة في أعوام 1963 و1981 و1996 بسبب الحروب والجفاف. يستند القرار إلى أسس فقهية تعتبر الأضحية سنة مؤكدة وليست فرضاً، خاصة في حالات العجز المالي أو ندرة المواشي.

استند الملك في قراره إلى الآية القرآنية: “وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ” (الحج:78)، مبرزاً دوره المزدوج كزعيم سياسي و”أمير للمؤمنين” في النظام السياسي المغربي.

التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية : 

يثير القرار مخاوف مربي الماشية (المعروفين محلياً باسم “الكسابة”) الذين يعتمدون على موسم العيد لتحقيق نحو 40% من دخلهم السنوي. وللتخفيف من هذه الآثار، أعلنت الحكومة المغربية عن حزمة دعم تشمل:

  • تقديم دعم مالي مباشر للمربين بقيمة 500 مليون درهم
  • تخفيض رسوم استيراد الأعلاف بنسبة 30%
  • إطلاق برامج تأمين للماشية ضد المخاطر المناخية

من ناحية أخرى، يُعتبر القرار مخففاً للعبء المالي عن الأسر المتوسطة والفقيرة، حيث تُقدّر تكلفة الأضحية الواحدة بحوالي 3,000 إلى 5,000 درهم.

ردود الفعل المجتمعية والسياسية :

انقسمت ردود الفعل في المجتمع المغربي بين مؤيد ومعارض للقرار. فقد رحبت الأحزاب الموالية للحكومة بالقرار، بينما انتقدته جماعات إسلامية مثل “العدل والإحسان” واعتبرته “تعدياً على الشعائر”.

على منصات التواصل الاجتماعي، سجل وسم #إلغاء_الأضاحي أكثر من مليون تفاعل خلال 24 ساعة الأولى من إعلان القرار، مع تباين واضح في الآراء. روجت وسائل الإعلام الرسمية للقرار باعتباره “مبادرة تضامنية”، بينما ركزت منصات إعلامية مستقلة على تداعياته الاقتصادية على صغار المربين.