في لقاء يعكس تعقيدات العلاقات الاقتصادية بين باريس وتونس، استقبل رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم، عماد الدربالي، يوم الأربعاء 19 فيفري 2025، السفيرة الفرنسية آن جيجين، في محاولة لمناقشة ملف الديون المتنامية وتحويلها إلى استثمارات.
وفي مسعى لتخفيف وطأة الديون المتراكمة، طرح الدربالي مقترحاً لتحويل جزء من الدين التونسي إلى مشاريع استثمارية، مستشهداً بتجربة تمويل الوكالة الفرنسية للتنمية لمشروع المستشفى متعدد الاختصاصات في قفصة. غير أن الجانب الفرنسي ربط “توسيع الاستثمارات” بشروط تتعلق بـ”تعزيز دور المجتمع المدني” في المشهد التونسي.
وأثارت السفيرة الفرنسية خلال اللقاء مسألة “دعم وتوسيع الاستثمارات القائمة”، في إشارة ضمنية إلى رغبة باريس في تعزيز نفوذها الاقتصادي في تونس. كما شددت على أهمية “دور المجتمع المدني” في تنفيذ المشاريع التنموية، في تلميح إلى شروط باريس للتعاون الاقتصادي.
وفي محاولة لموازنة المشهد، أكد الدربالي تطلعه لاستئناف اللقاءات البرلمانية وتفعيل مجموعات الصداقة بين البلدين، مشيراً إلى “انفتاح المجلس على الشراكة مع المجتمع المدني والمنظمات الوطنية والدولية وفق ما يضبطه القانون”.
ويأتي هذا اللقاء في ظل تصاعد الضغوط المالية على تونس، حيث ارتفع حجم الدين العام إلى 135 مليار دينار في 2024، ما يعادل 81.2% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين بلغ الدين الخارجي 62.343 مليار دينار، أي 46.2% من إجمالي الدين العام.
وتكشف تصريحات السفيرة الفرنسية عن نهج باريس في ربط المساعدات الاقتصادية بشروط تتجاوز الإطار المالي البحت، حيث أشارت إلى “التجارب الفلاحية الرائدة” في تونس، في إيماءة إلى رغبة فرنسا في توسيع نطاق نفوذها في القطاع الزراعي الاستراتيجي.
ويبدو أن باريس تسعى لاستثمار الضغوط المالية المتزايدة على تونس لتعزيز موقعها كشريك اقتصادي رئيسي، في وقت تحاول فيه تونس تنويع شراكاتها الاقتصادية وتخفيف اعتمادها على الشريك الفرنسي التقليدي، مما يضع صناع القرار التونسي أمام معادلة صعبة بين الحاجة الملحة للتمويل والحفاظ على هامش المناورة في السياسات الاقتصادية الوطنية.