يثير الإعلان الأخير للسفارة الأمريكية في تونس عن برنامج المنح المالية المخصصة لحماية التراث الثقافي تساؤلات عديدة حول الأهداف الحقيقية وراء هذه التمويلات التي تتراوح بين 25 ألف و150 ألف دولار أمريكي. فخلف ستار “حماية التراث” تبرز ملامح سياسة أمريكية تسعى لترسيخ نفوذها في النسيج الثقافي والاجتماعي التونسي.
ففي الثالث من جانفي 2025، أطلقت السفارة الأمريكية ما أسمته “برنامج منح تنفيذ اتفاقية الملكية الثقافية”، مستهدفةً مؤسسات التعليم العالي والجمعيات الثقافية التونسية الناشطة في مجال التراث والآثار. لكن ما يلفت الانتباه هو النمط المتكرر الذي تتبعه السفارة في استغلال هذه المنح كبوابة للتغلغل في الأوساط الثقافية والشبابية التونسية.
وتكشف الممارسات المتكررة للسفارة نمطاً واضحاً، حيث يستثمر السفير الأمريكي وطاقم السفارة كل مناسبة تتعلق بهذه التمويلات للقاء الناشطين والتواصل المباشر معهم، في محاولة مكشوفة لتلميع صورة السفارة وتقديمها كراعٍ حريص على التراث التونسي. هذا النهج يثير مخاوف مشروعة حول توظيف القوة الناعمة الأمريكية لاختراق المجتمع التونسي تحت غطاء الدعم الثقافي.
إن هذا النمط من التدخل الأجنبي، وإن تستر خلف شعارات براقة عن حماية التراث والثقافة، يستدعي يقظة تونسية خاصة من المؤسسات الثقافية والأكاديمية، لضمان الحفاظ على استقلالية القرار الثقافي التونسي وحماية هويته من أي محاولات للتأثير الخارجي المشبوه.