شهدت الساحة الليبية تصعيداً في التوتر السياسي والشعبي، حيث اندلعت موجة احتجاجات غاضبة في العاصمة طرابلس وعدة مدن ليبية أخرى، على خلفية الكشف عن تفاصيل مثيرة للجدل حول لقاء سري جمع وزيرة الخارجية في حكومة طرابلس السابقة نجلاء المنقوش مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين. وقد تحول المشهد الاحتجاجي إلى تعبير صارخ عن رفض شعبي واسع لسياسات حكومة غرب ليبيا برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
في تفاصيل الأحداث المتسارعة، شهدت ليلة الإثنين/الثلاثاء تظاهرات حاشدة انطلقت من منطقة سوق الجمعة في طرابلس، حيث تجمع العشرات من المحتجين، غالبيتهم من فئة الشباب، رافعين الأعلام الفلسطينية ومرددين هتافات مناهضة لحكومة الدبيبة. وتصاعدت حدة الاحتجاجات مع قيام المتظاهرين بإشعال إطارات السيارات في الشوارع الرئيسية، قبل أن يتوجهوا في محاولة جريئة لاقتحام مقر إقامة الدبيبة على طريق الشط، مما استدعى تدخلاً أمنياً مكثفاً من قوات جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة التي انتشرت بكثافة حول المقر لمنع تصاعد التوتر.
وفي تطور لافت، امتدت رقعة الاحتجاجات لتشمل مدناً أخرى في غرب ليبيا، من بينها مصراتة والزاوية وبني وليد، في مشهد يعكس عمق الأزمة وحجم الغضب الشعبي. وقد جاءت هذه التحركات الاحتجاجية في أعقاب تصريحات مثيرة للجدل أدلت بها المنقوش خلال مقابلة مع منصة “الجزيرة 360″، حيث كشفت عن تفاصيل اجتماعها السري مع وزير الخارجية الإسرائيلي السابق في روما خلال أوت 2023.
وفي محاولة لتبرير اللقاء المثير للجدل، أكدت المنقوش أن الاجتماع كان “غير رسمي” و تم بدوافع أمنية واستراتيجية، مشيرة إلى أن المباحثات تركزت حول قضايا أمن البحر المتوسط والموارد المائية و الطاقة. كما أوضحت أن اللقاء تم بعلم وموافقة حكومة غرب ليبيا. وعبرت عن استغرابها من قيام الجانب الإسرائيلي بتسريب تفاصيل اللقاء، مؤكدة أن المشكلة الحقيقية تكمن في طريقة تعامل الحكومة الليبية مع الأزمة، ونفت بشكل قاطع أن تكون قد استدعيت للتحقيق بعد الحادثة، مع تأكيدها على استعدادها للمثول أمام أي تحقيق نزيه.
تأتي هذه التطورات المتلاحقة في خضم أجواء سياسية متوترة تشهدها ليبيا، حيث يستمر الانقسام السياسي وتتعمق أزمة الثقة بين الشعب وقياداته السياسية. وتبقى هذه الاحتجاجات الأخيرة بمثابة مؤشر واضح على تصاعد حدة الرفض الشعبي للسياسات الحالية وتنامي المطالب بتغيير جذري في المشهد السياسي الليبي.