You are currently viewing محاكمة تاريخية في قضية “التمويل الليبي”: ساركوزي يواجه اتهامات خطيرة بتلقي أموال من القذافي

محاكمة تاريخية في قضية “التمويل الليبي”: ساركوزي يواجه اتهامات خطيرة بتلقي أموال من القذافي

يشهد القضاء الفرنسي هذا الأسبوع انطلاق محاكمة تاريخية غير مسبوقة تستمر لثلاثة أشهر، تتعلق بمزاعم تلقي الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي تمويلاً غير مشروع من نظام العقيد معمر القذافي لحملته الانتخابية عام 2007. وتكشف هذه القضية عن شبكة معقدة من العلاقات والصفقات السرية بين باريس وطرابلس، في ملف قد يؤدي إلى زلزال سياسي في فرنسا.

في السادس من جانفي 2025، تبدأ المحكمة الجنائية في باريس النظر في قضية يمثل فيها 13 متهماً، على رأسهم ساركوزي الذي يواجه اتهامات خطيرة منها إخفاء اختلاس أموال عامة والفساد السلبي والتمويل غير المشروع للحملة الانتخابية وتكوين عصابة إجرامية. وقد تصل العقوبة إلى السجن عشر سنوات وغرامة 375 ألف يورو.

وتعود جذور القضية إلى عام 2005، عندما بدأت سلسلة من اللقاءات السرية بين مقربين من ساركوزي والنظام الليبي، توجت باتفاق مزعوم لتمويل حملته الانتخابية بمبلغ 6 ملايين يورو. وتؤكد وثيقة رسمية صادرة في ديسمبر 2006 طلباً بتحويل 50 مليون يورو لصالح معسكر ساركوزي، مما يعزز شكوك المحققين حول وجود “صفقة فساد” كبرى.

وجمع المحققون أدلة مادية تشمل تحويلات مالية مشبوهة عبر شركة روسفيلد التابعة للوسيط زياد تقي الدين، واكتشاف 440 ألف يورو في حساب خارجي لمقرب من ساركوزي، إضافة إلى تداول غير طبيعي للأموال النقدية خلال الحملة الانتخابية. كما تورط في القضية شخصيات بارزة مثل الوزيرين السابقين كلود غيان وبريس أورتفو.

وفي المقابل، حصل النظام الليبي على امتيازات مهمة شملت إلغاء مذكرة توقيف دولية بحق عبد الله السنوسي، وعقوداً نفطية لشركة توتال، وصفقات لبيع معدات تجسس، واستقبالاً رسمياً غير مسبوق للقذافي في باريس. وتكشف التحقيقات أيضاً عن محاولات لطمس الأدلة، منها تهريب بشير صالح، رئيس الصندوق السيادي الليبي، من فرنسا في 2012، وعمليات تبييض أموال عبر شراء عقارات وأعمال فنية.

وتكتسب هذه المحاكمة أهمية خاصة كونها تأتي بعد تأكيد محكمة النقض الفرنسية حكماً بالسجن على ساركوزي في قضية التنصت، مما يجعلها منعطفاً حاسماً قد يكشف عن واحدة من أكبر فضائح الدولة في تاريخ فرنسا المعاصر، ويسلط الضوء على العلاقات المعقدة والمثيرة للجدل التي جمعت باريس بنظام القذافي قبل سقوطه.