يشهد الجنوب الليبي موجة متصاعدة من التوترات الأمنية والعسكرية في مطلع عام 2025، مما يثير مخاوف جدية من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في عام 2020. وتكتسي هذه التطورات أهمية بالغة في ظل تعقيدات المشهد السياسي والعسكري الليبي.
وفي تطور دراماتيكي، شنت قوات تابعة للمشير خليفة حفتر، قائد القوات المسلحة في ليبيا الشرقية، هجوماً على معسكر استراتيجي في منطقة سبها، يتبع لرئاسة أركان المجلس الرئاسي الليبي. وقد نجحت القوات المهاجمة، التي يقودها صدام حفتر، في السيطرة على المعسكر وإجبار قياداته على الانسحاب، في خطوة وصفتها بأنها “استباقية” لمنع ما زعمت أنه مخطط لإثارة الفوضى من قبل الفريق علي كنة، قائد منطقة سبها العسكرية.
وفي تطور لافت للنظر، تم تسريب رسالة منسوبة لرئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، موجهة إلى جهات عربية و دولية، تحذر من خطورة تصاعد التوترات وإمكانية انهيار اتفاق وقف إطلاق النار. ورغم نفي المكتب الإعلامي لصالح صحة الرسالة، أكدت مصادر عسكرية موثوقة صحتها، مشيرة إلى أن التراجع عن مضمونها جاء نتيجة انتقادات حادة لمحاولة الاستقواء بأطراف خارجية.
وزاد من تعقيد المشهد استقالة اللواء حسن الزادمة، قائد اللواء 128 التابع لقوات حفتر، على خلفية خلافات مع صدام حفتر. وقد اعتبر مراقبون هذه الاستقالة مؤشراً خطيراً على وجود تصدعات داخل معسكر حفتر، مما قد يؤثر على تماسك قواته وقدرتها على ضبط الأوضاع في مناطق سيطرتها.
ويثير صمت المجلس الرئاسي الليبي حيال هذه التطورات الخطيرة تساؤلات عديدة حول قدرته على التعامل مع التحديات الأمنية المتصاعدة. كما يعكس هذا الصمت حالة من الارتباك في التعامل مع الأزمة، خاصة مع تزايد المخاوف من احتمال انتقال تداعيات الصراع السوري إلى الساحة الليبية.
وتتزامن هذه التطورات مع تحركات إقليمية و دولية مكثفة، مما يشير إلى احتمال حدوث تحولات كبرى في المشهد الليبي. ويرى خبراء أن الوضع الراهن قد يكون مقدمة لمرحلة جديدة من الصراع، خاصة مع تباين مصالح و روزنامات القوى الإقليمية والدولية المنخرطة في الملف الليبي.
وفي ظل هذه التطورات المتسارعة، تبرز تساؤلات ملحة حول مستقبل العملية السياسية في ليبيا وقدرة الأطراف المحلية على تجنب الانزلاق نحو حرب شاملة. كما يثير صمت المجتمع الدولي وتباين مواقف القوى الإقليمية مخاوف من احتمال تفاقم الأزمة وتحولها إلى صراع إقليمي أوسع.
ويبقى التحدي الأكبر أمام الأطراف الليبية هو القدرة على احتواء التوترات الراهنة والحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار، في ظل تعقيدات المشهد المحلي والإقليمي وتصاعد حدة الاستقطاب بين مختلف الأطراف.