كشف تقرير سري أعده جان ماري بوكيل، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن تحول جذري في المشهد العسكري الفرنسي بالقارة الإفريقية. ويرسم التقرير، الذي أُعد في نوفمبر 2023، صورة قاتمة لمستقبل النفوذ الفرنسي في القارة السمراء.
وفقاً للوثائق المسربة، انحسر الوجود العسكري الفرنسي بشكل دراماتيكي ليقتصر على دولتين فقط في غرب إفريقيا: كوت ديفوار والغابون. هذا التراجع غير المسبوق يأتي في أعقاب سلسلة من الانسحابات من دول كانت تُعتبر تقليدياً معاقل للنفوذ الفرنسي في المنطقة.
وشكل طلب كل من تشاد والسنغال سحب القوات الفرنسية بحلول عام 2024 ضربة موجعة لباريس. وقد تسارعت وتيرة هذا التحول في السنغال بشكل خاص مع صعود نخبة سياسية جديدة تتخذ مواقف أكثر استقلالية عن فرنسا في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
واستجابة لهذه التطورات، بدأت فرنسا إعادة هيكلة قواعدها العسكرية المتبقية بشكل جذري. ستتحول القواعد في أبيدجان وليبرفيل إلى مجرد مراكز اتصال صغيرة لا يتجاوز عدد أفرادها 100 جندي، وستخضع لسلطة الدول المضيفة. في المقابل، تتجه باريس نحو تركيز وجودها العسكري في جيبوتي، التي ستصبح آخر معقل فرنسي في القارة بقوة عسكرية دائمة قوامها 1500 جندي.
يعكس هذا التحول الدراماتيكي عدة عوامل رئيسية:
1. تنامي المشاعر المناهضة للوجود الفرنسي في إفريقيا
2. صعود قوى دولية منافسة في المنطقة
3. تغير المشهد السياسي في الدول الإفريقية
4. فشل السياسات الفرنسية في التكيف مع المتغيرات الإقليمية
ويضع هذا الواقع الجديد باريس أمام تحديات غير مسبوقة للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في القارة الإفريقية، في ظل تراجع نفوذها العسكري والسياسي بشكل متسارع.