في تطور استراتيجي يعكس التحولات العميقة في سوق الطاقة العالمي، تصدرت الجزائر قائمة موردي الغاز الطبيعي إلى الاتحاد الأوروبي في أكتوبر 2024، متجاوزة روسيا التي هيمنت تاريخياً على هذا السوق. وقد بلغت صادرات الغاز الجزائري لأوروبا أكثر من 1.3 مليار يورو في أكتوبر، حيث تمثل حصة الجزائر 21.6% من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي، في حين تراجعت الصادرات الروسية بنسبة 6% لتصل إلى 1.3 مليار يورو، من إجمالي واردات أوروبية بلغت 6.15 مليار يورو.
وتعتمد الجزائر في تصدير الغاز على ثلاثة خطوط أنابيب رئيسية: خط ميدغاز نحو إسبانيا، وخط الترانسميد نحو إيطاليا، وخط الغاز المغاربي-الأوروبي الذي يمر عبر المغرب (المغلق حالياً). وفي إطار استراتيجيتها التطويرية، تخطط شركة سوناطراك لاستثمار 50 مليار دولار حتى عام 2028، منها 36 مليار دولار مخصصة للاستكشاف والإنتاج، كما تعمل على تطوير مشروع “Boosting Hassi R’Mel” الاستراتيجي، بهدف رفع الإنتاج إلى 200 مليار متر مكعب سنوياً.
وقد أدى تراجع الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي إلى تعزيز العلاقات الطاقية مع الجزائر وتنويع مصادر الطاقة الأوروبية. وفي سياق المنافسة الدولية، تأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثالثة بصادرات بلغت 1.2 مليار يورو، تليها النرويج وأذربيجان، مما يؤكد تعزيز موقع الجزائر في السوق العالمي.
وتواجه الجزائر تحديات داخلية تتمثل في تلبية الطلب المحلي المتزايد وتحديث البنية التحتية والحفاظ على مستويات الإنتاج. ومع ذلك، تتيح هذه التطورات فرصاً مستقبلية لتوسيع شبكة التصدير وزيادة الحصة السوقية وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع أوروبا.
وتهدف رؤية 2028 إلى مضاعفة الإنتاج الحالي، مع تخصيص 50% للتصدير و50% لتلبية الطلب المحلي. وعلى المستوى الاقتصادي، يسهم هذا التطور في تعزيز العائدات المالية وخلق فرص عمل جديدة وتطوير القطاع الصناعي محلياً.
ويمثل تصدر الجزائر لقائمة موردي الغاز إلى أوروبا نقطة تحول استراتيجية في سوق الطاقة العالمي. ومع استمرار الاستثمارات الضخمة وتطوير البنية التحتية، يتوقع أن تعزز الجزائر موقعها كلاعب رئيسي في سوق الطاقة العالمي، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي والاستراتيجي بين الجزائر والاتحاد الأوروبي.