الجزائر تلجأ إلى الناتو لتأمين منشآتها النفطية
استقبل وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب وفداً برلمانياً من الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي في الرابع من نوفمبر 2024، حيث ناقش الطرفان قضايا الأمن الطاقوي في حوض المتوسط والعالم، وتطوير الطاقات المتجددة، خاصة الهيدروجين الأخضر. وتم التطرق إلى مشاريع هامة مثل خط أنابيب الهيدروجين “SoutH2 Corridor” الذي سيربط الجزائر بألمانيا عبر إيطاليا والنمسا. وأكد الوزير على دور الجزائر كدولة منتجة ومصدرة رئيسية للطاقة، وطموحها لتصبح مركزاً إقليمياً للطاقة من خلال مشاريع الربط الكهربائي والغازي مع أوروبا وأفريقيا. كما شدد على التزام الجزائر بتطوير الطاقات المتجددة، مع برنامج طموح لإنتاج 15000 ميغاواط من الطاقة الكهروضوئية بحلول 2035. وتناول اللقاء أيضاً أهمية أمن المنشآت الطاقوية والتعاون مع الناتو في مجالات الأمن السيبراني ونقل التقنيات المتقدمة.
الموازنة بين الشرق و الغرب
في ظل تحول استراتيجي لافت، تتجه الجزائر نحو تعزيز تعاونها مع حلف شمال الأطلسي لتأمين منشآتها النفطية، في خطوة تعكس إقراراً ضمنياً بضرورة حفظ التوازنات في المشهد الجيوسياسي بعد فترة من الرهان على التحالف مع روسيا والصين. وقد أدى هذا التوجه السابق إلى توترات مع شركاء أوروبيين أساسيين، خاصة إسبانيا. وخلال لقائه مع وفد الجمعية البرلمانية للناتو، كشف وزير الطاقة محمد عرقاب عن خطة شاملة لتأمين البنية التحتية للطاقة، تشمل تعاوناً أمنياً متعدد المستويات مع الحلف الأطلسي، خاصة في مجالات الأمن السيبراني والتقنيات المتطورة. وتأتي هذه الخطوة بعد حادثة تيغنتورين عام 2013، التي شكلت نقطة تحول في استراتيجية تأمين المنشآت الطاقوية الجزائرية.
حادثة تيغنتورين عام 2013
والمعروفة أيضًا بأزمة الرهائن في عين أميناس، كانت هجومًا إرهابيًا وقع في 16 جانفي 2013. استهدف الهجوم منشأة غاز في تيغنتورين، بالقرب من عين أميناس في جنوب شرق الجزائر. نفذ الهجوم مجموعة من المسلحين المرتبطين بتنظيم القاعدة، كرد فعل على التدخل العسكري الفرنسي في مالي.
خلال الهجوم، احتجز المسلحون أكثر من 650 شخصًا كرهائن، من بينهم 150 أجنبيًا من جنسيات مختلفة. انتهت الأزمة بعد تدخل الجيش الجزائري، مما أسفر عن مقتل 32 مسلحًا و23 رهينة.
ختاما، يبدو أن الجزائر، في سعيها لتعزيز مكانتها كمصدر موثوق للطاقة في السوق الأوروبية وكمركز إقليمي للهيدروجين الأخضر، تتبنى نهجاً براغماتياً جديداً يوازن بين تطلعاتها الاقتصادية ومتطلبات الأمن الإقليمي، مع التركيز على مشاريع طموحة مثل خط “سوث 2 كوريدور” وتطوير شبكات الربط الكهربائي والغازي مع أوروبا و أفريقيا. كما أن الجزائر لم تعد تخفي ارتباطها وشراكتها الاستراتيجية مع حلف شمال الأطلسي، في خطوة تعكس سعيها الحثيث لتحقيق توازن جيوسياسي دقيق بين القوى الشرقية والغربية، مع الحرص في الوقت ذاته على صون مصالحها الاقتصادية وتعزيزها.