العلاقات المغربية الإسرائيلية: جذور تاريخية وتطور مستمر
تمتد جذور العلاقات بين المملكة المغربية ودولة إسرائيل إلى خمسينيات القرن الماضي، حيث شهدت تطوراً ملحوظاً على مدى العقود المتتالية، مشتملة على مجالات متنوعة، وبالأخص في الميدانين الدبلوماسي والاقتصادي. وعلى الرغم من أن التمثيل الدبلوماسي الرسمي الإسرائيلي في الرباط لم يتأسس إلا في عام 1994، إلا أن قنوات التواصل غير الرسمية بين تل أبيب والعاصمة المغربية ظلت مفتوحة ومستمرة.
ومنذ ذلك الحين، اتخذ مسار تطبيع العلاقات بين البلدين منحىً متميزاً، تخللته محطات تاريخية بارزة وتحولات متعددة، تأثرت في كثير من الأحيان بالمتغيرات الإقليمية والظروف الداخلية لكلا البلدين. وقد ساهمت هذه الديناميكية المستمرة في تشكيل نموذج فريد للعلاقات الثنائية في المنطقة، يجمع بين المرونة الدبلوماسية والمصالح المشتركة.
نقطة تحول تاريخية: الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية
شكل قرار الولايات المتحدة الأمريكية بالاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية في عام 2020 منعطفاً تاريخياً في مسار العلاقات الدولية بالمنطقة. هذا القرار الاستراتيجي لم يكن مجرد موقف سياسي عابر، بل مثل تحولاً جوهرياً في الدبلوماسية الإقليمية، مما أدى إلى تعزيز وتوطيد العلاقات بين المملكة المغربية و دولة إسرائيل بشكل غير مسبوق.
وقد فتح هذا الاعتراف الأمريكي آفاقاً جديدة في مسار التطبيع بين البلدين، حيث بلغت هذه العلاقات ذروتها في السابع من جويلية 2021، في حدث دبلوماسي لافت تمثل في دعوة وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، ليكون أول مسؤول عربي رفيع المستوى يلقي خطاباً أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك)، وهي منظمة الضغط الإسرائيلية الأكثر نفوذاً في الولايات المتحدة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا التطور الدبلوماسي الاستثنائي لم يكن مجرد خطوة رمزية، بل عكس تحولاً عميقاً في العلاقات المغربية-الإسرائيلية، مؤكداً على:
– تطور العلاقات الدبلوماسية إلى مستويات غير مسبوقة
– تعزيز الموقف الدولي للمغرب في قضية الصحراء الغربية
استراتيجيات النفوذ المغربية في الولايات المتحدة والاعتراف الفرنسي:
في إطار تعزيز مصالحها في الساحة الأمريكية، اتخذت المملكة المغربية خطوات استراتيجية مهمة من خلال وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي. حيث خصصت ميزانية شهرية قدرها 75 ألف دولار لشركة JPC Strategies خلال فترة إدارة الرئيس ترامب، مما عزز نفوذها في واشنطن.
يأتي هذا الاستثمار الدبلوماسي ضمن رؤية شاملة للمغرب لتقوية حضوره على الساحة الدولية وتأكيد قدرته على التأثير في مراكز صنع القرار الأمريكية.
وفي تطور لافت، جاء اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية في 29 أكتوبر 2024، خلال خطابه أمام البرلمان المغربي، ليعزز هذا المسار الدبلوماسي. ويعكس هذا الاعتراف استمرارية الجهود الدبلوماسية المغربية التي سعت بنشاط للحصول على اعتراف دولي مماثل للاعتراف الذي حصلت عليه من الولايات المتحدة و إسرائيل.
ومن اللافت للنظر أن الوفد الفرنسي برئاسة ماكرون ضم برنار-هنري ليفي، المعروف بارتباطاته الإسرائيلية ودوره في العديد من الأزمات الإقليمية.
دور اللوبي اليهودي المغربي والعلاقات اليهودية-المغربية المعاصرة
يُعد اللوبي اليهودي المغربي فاعلاً رئيسياً في هذه الاستراتيجية، حيث استمر في لعب دور محوري في العلاقات الدولية، رغم تناقص أعداد اليهود المقيمين في المغرب. وقد تجسدت هذه العلاقة المميزة من خلال شخصيات بارزة مثل الحاخام يهودا ليب راسكين، الذي وصل إلى المغرب عام 1960، و كرّس حياته للحفاظ على الهوية اليهودية في البلاد، حيث تعاون مع القيادات المغربية، بما فيهم الملك الحسن الثاني، لتعزيز الثقة بين الجاليتين اليهودية والمسلمة.
وتقديراً لدور الملك الحسن الثاني في حماية المجتمع اليهودي, تم تخليد اسمه في إسرائيل من خلال تسمية شوارع ومرافق عامة باسمه. وقد توجت هذه العلاقات التاريخية بتنظيم أكبر مؤتمر حاخامي في العالم العربي، حيث استضاف المغرب مؤتمر حركة حباد-لوبافيتش في الفترة من 22 إلى 24 ماي 2023. جمع هذا الحدث التاريخي، الذي نظمه مكتب “شلوخيم” (المبعوثين)، أكثر من 100 حاخام من جنسيات مختلفة، حيث احتفوا بالصداقة العميقة التي تربط العائلة الملكية المغربية بالجالية اليهودية، وأكدوا على متانة العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل بين المغرب وإسرائيل.
المركز المغربي الأمريكي: دعم استراتيجي حاسم
يمثل المركز المغربي الأمريكي تحالفاً استراتيجياً يضم ثلاث منظمات غير حكومية رئيسية هي: المركز المغربي الأمريكي للسياسات، ومجلس التجارة والاستثمار المغربي الأمريكي، والمركز الثقافي المغربي الأمريكي. يعمل هذا التحالف بشكل متواصل على تعزيز وتوطيد العلاقات بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية، وتعميق التفاهم المتبادل بين البلدين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
وقد شهدت فترة رئاسة دونالد ترامب نشاطاً ملحوظاً لهذا المركز، حيث لعب دوراً محورياً ومؤثراً في الدبلوماسية بين البلدين، وتُوج هذا الجهد بإنجاز دبلوماسي تاريخي تمثل في اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، مما يعكس نجاح استراتيجية الدبلوماسية المغربية.
اعتراف ثلاثي و تقارب استراتيجي: تطور العلاقات المغربية الدولية
يشهد المشهد الدبلوماسي المغربي تحولاً تاريخياً مع الاعتراف المتتالي بسيادة المملكة المغربية على أقاليمها الصحراوية من قبل قوى دولية رئيسية، وهي الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وفرنسا. هذا التطور الدبلوماسي البارز يعكس نجاح الدبلوماسية المغربية في تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية.
وقد لعب اللوبي اليهودي المغربي دوراً محورياً في هذا المسار، حيث ساهم بشكل فعال في تعميق التحالفات و تقريب مصالح المغرب و إسرائيل. و تُجسد قضية الصحراء الغربية ذروة هذا التقارب الدبلوماسي.
كتبه صفوان نطاحي
المصادر :
—-
Israel and Morocco: Cooperation Rooted in Heritage Published as part
of the publication series: Israel’s Relations with Arab Countries: The
Unfulfilled Potential (The Israeli Institute for Regional Foreign Policies)
https://identitejuive.com/pour-la-premiere-fois-un-pays-musulman-le-ma
roc-accueil-un-congres-mondial-du-mouvement-juif-habad/
https://www.jeuneafrique.com/1496831/culture/entre-rabat-et-les-juifs
marocains-une-relation-a-toute-epreuve/
https://www.foreignlobby.com/2021/02/22/morocco-drops-gop-lobbyis
ts-after-securing-w-sahara-win-under-trump/