بعد عقد من استقبال أوروبا لأكثر من مليون لاجئ سوري، تسعى بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى إعادة تصنيف سوريا كدولة “آمنة” تمهيداً لترحيل بعض اللاجئين إليها، رغم استمرار تدفق آلاف السوريين سنوياً إلى أوروبا.
ففي عام 2015، عندما وصل نحو مليون لاجئ إلى أوروبا، معظمهم من السوريين، رحبت المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل بهم جميعاً بمقولتها الشهيرة “نحن قادرون على القيام بذلك!”. ومنذ ذلك الحين، وصل ما يقرب من 4.5 مليون سوري إلى أوروبا، وحصل نحو 1.3 مليون منهم على الحماية الدولية في الاتحاد الأوروبي بين عامي 2015 و2023.
لكن اليوم، وبالرغم من استمرار الحرب، تسعى إيطاليا والنمسا، من بين دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، إلى تصنيف سوريا كدولة “آمنة” للسماح بترحيل السوريين إليها. واستشهد المستشار النمساوي كارل نيهامر الأسبوع الماضي بعبور 200 ألف شخص الحدود من لبنان إلى سوريا وسط الغزو البري الإسرائيلي المستمر كدليل على أن سوريا أصبحت آمنة.
وفي عام 2024، لا يزال السوريون يشكلون أكبر مجموعة تتقدم بطلبات الحماية الدولية في الاتحاد الأوروبي. فقد تقدم أكثر من 180 ألف سوري بطلبات لأول مرة، بزيادة عن 130 ألف طلب في العام السابق. وحصل نحو 120 ألف سوري على قرار إيجابي في المرحلة الأولى، يليهم الأفغان (67,170) والفنزويليون (42,340).
وتجدر الإشارة إلى أن 90% على الأقل من طلبات السوريين التي تمت معالجتها في النصف الأول من عام 2024 حصلت على وضع اللاجئ أو الحماية الفرعية، مما يعني أن السلطات أقرت بأنهم سيتعرضون لخطر كبير إذا عادوا إلى بلادهم.
وحذرت إيفا سينغر، مديرة قسم اللجوء في المجلس الدنماركي للاجئين، من أن محاولة تصنيف سوريا كدولة آمنة ستواجه تحديات قانونية. وأضافت: “حتى لو قررت دول الاتحاد الأوروبي أن سوريا آمنة، سيظل هناك حاجة إلى تقييم فردي للمخاطر لكل شخص، بما في ذلك إمكانية الطعن في القرار أمام هيئة مستقلة.”
من جانبه، أكد حسين باعومي، مسؤول الدعوة للسياسة الخارجية في مكتب منظمة العفو الدولية للمؤسسات الأوروبية، أن الاتحاد الأوروبي أو الدول الأعضاء لا يمكنهم تحديد أن دولة ما آمنة في أجزاء منها فقط، مشيراً إلى أن مثل هذا التقييم يجب أن يتم للبلد ككل.