في ظل تصاعد المشاعر المناهضة للهجرة في أوروبا، يتجه القادة الأوروبيون نحو تبني مقاربات كانت تعتبر من المحرمات سابقاً في التعامل مع حدودهم. وتشهد السياسات الأوروبية تحولاً ملحوظاً نحو إجراءات أكثر صرامة في التعامل مع تدفقات المهاجرين.
وقد شهدت الأشهر الأخيرة قيام نحو عشر دول أوروبية بفرض قيود حدودية في محاولة لردع المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء. فقد أعلنت بولندا هذا الشهر وقفاً مؤقتاً لمعالجة طلبات اللجوء من المهاجرين القادمين من بيلاروسيا المجاورة، مستندة إلى تهديدات أمنية. كما فرضت ألمانيا رقابة حدودية هذا الصيف لمنع المهاجرين من عبور حدودها.
وتتبنى دول الاتحاد الأوروبي حالياً مصطلحات جديدة مثل “مراكز العودة” و”مراكز المعالجة”. وقد أيدت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، فكرة إنشاء “مراكز عودة” خارج حدود الاتحاد الأوروبي في خطوة تعكس التوجه الجديد للسياسة الأوروبية.
ويمتلك الاتحاد الأوروبي بالفعل آلاف الكيلومترات من الأسوار المادية على حدوده الخارجية، في محاولة لتعزيز أمن حدوده. وفي إيطاليا، دشنت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني “مراكز معالجة” في ألبانيا حيث سيتم نقل المهاجرين المتجهين إلى إيطاليا، في خطوة تحاكي النموذج الأسترالي في التعامل مع طالبي اللجوء.
ويشير المحللون إلى أن هذا التحول في السياسة الأوروبية يعكس تغيراً جذرياً في المقاربة الأوروبية لقضايا الهجرة، مقارنة بسياسة “نحن قادرون على ذلك” التي تبنتها المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل. ومع ذلك، يحرص المسؤولون الأوروبيون على استخدام مصطلحات دبلوماسية، مفضلين عبارات مثل “العودة” و”مراكز المعالجة” على المصطلحات الأكثر صرامة.
ويثير هذا التوجه المتشدد مخاوف المنظمات الحقوقية التي تحذر من أن هذه السياسات قد تؤثر على حقوق الإنسان عالمياً، حيث قد تتخذ دول أخرى من سياسات الاتحاد الأوروبي نموذجاً لها في التعامل مع قضايا الهجرة. وتؤكد منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن هذه السياسات قد تكون لها تداعيات خطيرة على حقوق المهاجرين واللاجئين في جميع أنحاء العالم.