You are currently viewing انسحاب جوميا من تونس: دروس في بناء مؤسسات محلية مستدامة

انسحاب جوميا من تونس: دروس في بناء مؤسسات محلية مستدامة

  • Post category:إقتصاد / تونس
  • Reading time:1 mins read

انسحاب جوميا من تونس يقدم لنا درساً قيماً في كيفية بناء المؤسسات المحلية المستدامة. فشركة جوميا، التي عُرفت بـ “أمازون أفريقيا”، قررت الانسحاب من السوق التونسية، مما أثار نقاشاً واسعاً حول أسباب فشل الشركات الأجنبية في الأسواق الأفريقية، خاصة في مجال التجارة الإلكترونية. وقد واجهت الشركة تحديات رئيسية تمثلت في تطبيق نموذج تجاري غربي غير مناسب في بيئة مختلفة دون تكييفه مع خصوصيات السوق المحلي، واعتمادها على استراتيجية “حرق النقد” من خلال إنفاق مبالغ ضخمة لتعويض نقص فهمها للسوق، وهي استراتيجية أثبتت عدم استدامتها على المدى الطويل وأدت إلى خسائر كبيرة. كما أن عدم فهمها للسوق المحلي تجلى في تجاهل العادات الشرائية المحلية وعدم مراعاة القدرة الشرائية للمستهلك التونسي وضعف التكيف مع البنية التحتية المحلية.

من هذه التجربة، نستخلص دروساً مهمة تتمثل في ضرورة فهم عميق لثقافة المستهلك المحلي ودراسة السوق بدقة قبل الاستثمار وتطوير حلول تناسب الواقع المحلي. كما يجب التركيز على بناء نموذج أعمال مستدام يركز على القيمة المضافة الحقيقية وتطوير استراتيجيات نمو تدريجية، بعيداً عن الاعتماد على حرق الأموال كحل سريع. ولا يمكن إغفال أهمية رأس المال المحلي من خلال تشجيع المستثمرين المحليين وبناء الخبرات الوطنية وتطوير الكفاءات المحلية.

وللمضي قدماً، نحتاج إلى تطوير شركات محلية قوية عبر الاستثمار في التكنولوجيا المحلية وتدريب الكوادر الوطنية وبناء بنية تحتية رقمية قوية. كما يجب السعي نحو شراكة متوازنة مع المستثمرين الأجانب تضمن الاستفادة من الخبرات الدولية ونقل المعرفة والتكنولوجيا مع الحفاظ على المصالح المحلية.

في النهاية، يجب النظر إلى انسحاب جوميا كفرصة لإعادة التفكير في كيفية بناء مؤسسات تونسية قوية ومستدامة. فالنجاح الحقيقي يأتي من فهم عميق للسوق المحلي وتطوير حلول مبتكرة تناسب احتياجات المجتمع، وليس من محاولة استنساخ نماذج أجنبية قد لا تتناسب مع واقعنا.