تُظهر قضية اعتقال الناشط البنيني كيمي سيبا تصاعداً مقلقاً في تراجع الحريات العامة في فرنسا. فقد شهد عام 2024 سلسلة من الإجراءات القمعية ضد هذا الناشط البالغ من العمر 42 عاماً، والذي ولد في ستراسبورغ لأبوين بنينيين، بدأت بسحب جنسيته الفرنسية في جويلية، وتصاعدت باعتقاله في 14 أكتوبر بطريقة وصفها محاميه بـ”العنيفة”.
ويكشف مسار القضية عن نمط متزايد من القمع للأصوات المعارضة في فرنسا، حيث تم اعتقال سيبا من قبل عناصر ملثمة رغم دخوله البلاد بشكل قانوني بجواز سفر دبلوماسي نيجري وتأشيرة شنغن، وكان الهدف المعلن من زيارته هو رؤية والده المريض ولقاء معارضين سياسيين من بنين. واحتُجز في مقر المديرية العامة للأمن الداخلي الفرنسي مع مساعده هيري دجيهوتي، منسق حركة “طوارئ البانأفريقية”.
وتعكس التهم الموجهة لسيبا، والتي تصل عقوبتها إلى 30 عاماً في السجن، تشدداً متزايداً في التعامل مع المعارضين السياسيين. فرغم أن سيبا معروف بمواقفه المناهضة للغرب وعلاقاته المعلنة مع حكومات مثل النيجر – حيث يعمل مستشاراً خاصاً للجنرال عبد الرحمن تياني – إلا أن اتهامه بـ”التعامل مع قوة أجنبية” يثير تساؤلات حول استخدام القانون كأداة لقمع المعارضة السياسية.
ويرى محاميه خوان برانكو أن اعتقاله يحمل دوافع سياسية واضحة، معتبراً إياه انتقاماً من نشاطه المناهض للاستعمار الجديد، وربما خدمة للرئيس البنيني باتريس تالون. وقد زاد من خطورة الوضع رفض الحكومة الفرنسية التعليق على القضية، مما يعزز المخاوف من تدهور وضع الحريات في البلاد.
ورغم إطلاق سراحه بعد يومين من الاعتقال دون توجيه تهم رسمية، إلا أن استمرار التحقيقات يشير إلى تحول مقلق في السياسة الفرنسية نحو تقييد الحريات، خاصة للشخصيات المؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي والمعارضة لسياسات فرنسا في أفريقيا. وتأتي هذه القضية لتضيف فصلاً جديداً إلى سجل سيبا المثير للجدل، الذي يشمل إدانات سابقة بتهمة التحريض على الكراهية العنصرية وقيادته السابقة لجماعة “تريبو كا” المحظورة.