تواجه شركة بوينغ، عملاق صناعة الطيران الأمريكي، أزمة متفاقمة مع استمرار إضراب عمالها لما يقرب من شهر كامل. هذه الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة لسلسلة من التحديات والمشاكل التي واجهتها الشركة على مدى السنوات الأخيرة.
بدأت متاعب بوينغ تتراكم منذ حوادث تحطم طائرات 737 ماكس في عامي 2018 و2019، والتي أدت إلى توقف هذا الطراز عن الطيران لمدة 20 شهرًا. ثم جاءت جائحة كوفيد-19 لتضيف المزيد من الضغوط على الشركة، مما أدى إلى انخفاض الطلب على الطائرات الجديدة. وفي جانفي 2024، تعرضت بوينغ لضربة أخرى عندما انفصل جزء من هيكل إحدى طائراتها أثناء الطيران، مما كشف عن ضعف في بروتوكولات السلامة ودفع المنظمين الأمريكيين إلى تقييد إنتاجها.
في خضم هذه التحديات، اندلع إضراب العمال في سبتمبر 2024، حيث يطالب حوالي 33,000 عامل في مصانع بوينغ الأمريكية بتحسين ظروف العمل وزيادة الأجور. تطالب النقابة بزيادة في الأجور بنسبة 40% على مدى أربع سنوات وإعادة نظام المعاشات المحدد الذي تم إلغاؤه قبل عقد. في المقابل، عرضت بوينغ زيادة بنسبة 30% واستعادة مكافأة الأداء، لكن النقابة رفضت هذا العرض.
انهارت المحادثات بين الطرفين يوم الثلاثاء دون تحديد موعد لمفاوضات جديدة، مما يشير إلى استمرار الأزمة. سحبت بوينغ عرضها للأجور، متهمة النقابة بعدم أخذ مقترحاتها على محمل الجد. هذا الإضراب يؤثر سلبًا على الوضع المالي والإنتاجي للشركة، حيث تقدر وكالة S&P Global Ratings أن الإضراب قد يكلف بوينغ أكثر من مليار دولار شهريًا، مع تحذير من احتمال خفض تصنيفها الائتماني إلى مستوى غير استثماري.
في ظل هذه الظروف الصعبة، تدرس بوينغ خيارات لجمع مليارات الدولارات لتعزيز ميزانيتها العمومية. كما أنها قدمت إجازات مؤقتة لآلاف الموظفين براتب، بينما تم إغلاق المصانع التي تنتج طائرات 737 ماكس و767 و777. وقد انعكست هذه المشاكل على قيمة أسهم الشركة، التي انخفضت بأكثر من 40% هذا العام.
هذه الأزمة تضع تعافي بوينغ على المحك، وتهدد مكانتها كواحدة من أهم شركات صناعة الطائرات في العالم. كما أنها تزيد من تراكم التأخيرات في تسليم الطائرات لشركات الطيران، مما يؤثر على صناعة الطيران العالمية ككل.